أنباء الوطن:
أدت المخاوف من تفشي وباء جائحة فيروس كورونا المعروف ايضا باسم كوفيد-19. وما يسببه من خسائر جسيمة، سواء على صعيد الضحايا من البشر أو الأزمة الاقتصادية الناجمة عنه وما يرافقها من تأثيرات بالغة الخطورة على الاقتصاد العالمي إلى “حرب عالمية” من نوع جديد بين الدول من أجل تأمين المعدات اللازمة لمكافحة انتشار جائحة فيروس كورونا المرعب.
ومع تفاقم الأوضاع والخسائر والمخاوف، تدافعت بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات وتدابير لتأمين المعدات والتجهيزات اللازمة، مثل الكمامات وأجهزة الاختبارات للكشف السريع للفيروس المستجد.
واستطاع مشترون أميركيون، يلوحون بأموال ضخمة، من السيطرة على شحنة من كمامات الوجه، كانت في طريقها من الصين إلى فرنسا، التي تعد واحدة من أكثر المناطق في العالم معاناة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد كوفيد-19.
وكانت الكمامات على متن طائرة تستعد للإقلاع من مطار شنغهاي، عندما ظهر المشترون الأميركيون وعرضوا 3 أضعاف ما دفعه نظراؤهم الفرنسيون.
وقال الطبيب ورئيس المجلس الإقليمي في غراند إيست في فرنسا، جان روتنر، إن جزءا من طلبية فرنسية تقدر بعدة ملايين من الكمامات، التي كانت في طريقها إلى الإقليم، حيث تعج وحدات العناية المركزة بمرضى فيروس كورونا”كوفيد-19″، قد فقدت وذهبت لمشترين آخرين.
وتحدث روتنر لهيئة الإذاعة الفرنسية قائلا: “على مدرج المطار، يخرج عملاء المال ويدفعون 3 أو 4 أضعاف سعر الطلبيات التي قمنا بها”، مضيفا “علينا أن نقاتل”.
ولم يحدد المشترين الذين يعمل هؤلاء العملاء لحسابهم أو أي ولاية أميركية تم نقل الشحنة إليها، لكن مسؤولا فرنسيا آخر شارك أيضا في شراء كمامات من الصين قال إن المجموعة كانت تعمل لصالح الحكومة الأميركية.
وأفاد رئيس منطقة بروفانس ألب كوت دازور، بجنوب فرنسا، رينو موسيليه، لقناة “بي أف أم تي في” التلفزيونية الفرنسية بأن “هناك دولة أجنبية دفعت 3 أضعاف ثمن البضائع على مدرج المطار”.
وصرّح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لوكالة “فرانس برس” قائلا إن “حكومة الولايات المتحدة لم تشتر أي كمامات معدة للتسليم من الصين إلى فرنسا، وأي تقارير عكس ذلك خاطئة وغير صحيحة تماما”.
ووصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هذه التقارير بأنها “مثيرة للقلق وطلب من المسؤولين النظر في ادعاءات مماثلة بأن الكمامات يتم تحويلها بعيدا عن بلاده”.
وقال ترودو يوم الخميس: “نحتاج إلى التأكد من أن المعدات المخصصة لكندا تصل إلى كندا وتبقى فيها، وقد طلبت من الوزراء متابعة هذه التقارير”.
وفي مؤتمر صحفي في البرازيل يوم الأربعاء، قال وزير الصحة لويز هنريك مانديتا، إن المحاولات الأخيرة التي قامت بها منقطة إقليم برازيليا لشراء صفقة معدات الحماية مثل القفازات والكمامات من الصين قد باءت بالفشل.
وتابع مانديتا قائلا: “أرسلت الولايات المتحدة اليوم 23 من أكبر طائرات الشحن الخاصة بها إلى الصين لنقل المواد التي حصلت عليها. وقال إن العديد من مشترياتنا، التي كنا نأمل في تأكيدها من أجل تزويد نظامنا الصحي، قد فشلت تماما. العالم كله يريد هذه الأشياء أيضا. هناك مشكلة زيادة الطلب”.
وطلب مانديتا من البرازيليين العاديين أن يصنعوا بأنفسهم كمامات محلية الصنع من قطع القماش حتى يتمكن المهنيون الصحيون من الحصول على المعدات المهنية المتبقية.
وخوفا من النقص والضغط على أنظمتها الصحية، اتخذت عدد من الدول، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وروسيا، إجراءات مثل تخزين الكمامات والمواد الخطرة أو معدات الوقاية الشخصية، وهذا يعني الحد من عمليات تصدير المعدات الطبية الواقية.
كذلك أشارت تقارير إلى أن تركيا ذهبت إلى أبعد من ذلك، ليس بحظر تصدير معدات الحماية والوقاية فحسب، ولكن أيضا بتراجعها عن المبيعات الأجنبية للكمامات التي استلمت أنقرة ثمنها بالفعل.
وأفادت تقارير لصحيفة بلوير البلجيكية وصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية بأن الكمامات التركية الموجهة لتلك الدولتين لم تصل قط.
وفي إيطاليا، استغرق الأمر أكثر من أسبوعين بعد مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء، جوزيبي كونتي، إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من أجل الإفراج عن الكمامات، وفي بلجيكا، لم يتم تسليم الإمدادات على الرغم من شكوى رسمية من وزارة الصحة في البلاد.
وهددت تركيا بتولي قيادة منتجي الكمامات المحلية للتأكد من توفيرها للدولة فقط، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية.
ونقلت صحيفة “حريت” التركية عن وزير الداخلية سليمان صويلو قوله إن السلطات ستسيطر على المصانع إذا لم توافق الشركات على البيع على أساس حصري لوزارة الصحة.
وكانت الصين، أكبر مصنّع للكمامات في العالم، أول دولة تتعرض لانتشار وباء فيروس كورونا”كوفيد-19″، واتهمت أيضا بتخزين إمداداتها.
ورغم ذلك، فقد كانت منذ ذلك الحين واحدة من الدول القليلة التي سارت في الاتجاه الآخر، حيث قامت ببيع أو التبرع بملايين الكمامات لأوروبا، وذهبت إحدى هذه الشحنات إلى إيطاليا عبر التشيك، لكن السلطات التشيكية صادرتها.